تفسير قول الله تعالى: ( وكان عرشه على الماء )
السؤال : لماذا قال الله تعالى : "وكان عرشه على الماء"؟ أليس عرش الله إلى الآن على الماء؟
الجواب :
الحمد لله
قال الله عز وجل : ( وَهُوَ الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ
عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) هود/7 .
فهذا خبر من الله تعالى أن عرشه سبحانه كان على الماء قبل أن
يخلق السموات والأرض وما فيهن . قال قتادة : "ينبئكم ربكم تبارك وتعالى كيف
كان بدء خلقه قبل أن يخلق السموات والأرض" .
"تفسير الطبري" (15 / 246).
وروى البخاري (2953) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا أن نَاسا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ سألوا النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالوا : جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا
الْأَمْرِ ؟ قَالَ : ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ
شَيْءٌ غَيْرُهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَكَتَبَ فِي
الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ) .
فالآية والحديث إنما هما خبر عن بداية الخلق ، وأن عرش الله عز وجل كان على الماء قبل خلق السماوات والأرض .
ولا ينافي ذلك كون العرش لا يزال على الماء .
وقد روى البخاري (6869) ومسلم (1659) عن أبي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلْأَى لَا
يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، أَرَأَيْتُمْ مَا
أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ
مَا فِي يَمِينِهِ ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى
الْقَبْضُ يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"وَقَعَ فِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ : (وَالْعَرْش
عَلَى الْمَاء) وَظَاهِره : أَنَّهُ كَذَلِكَ حِين التَّحْدِيث بِذَلِكَ ؛
وَظَاهِر الْحَدِيث الَّذِي قَبْله أَنَّ الْعَرْش كَانَ عَلَى الْمَاء
قَبْل خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض ، وَيُجْمَع بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ
عَلَى الْمَاء " انتهى .
"فتح الباري" (20 / 496) .
فأفاد قوله تعالى : (كان) في الآية الإخبار عما كان في الماضي
قبل خلق السموات والأرض، وأفاد قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر :
( وعرشه على الماء ) أنه لم يزل كذلك.
والله أعلم